Contents
الإسلام دين شامل ينظِّم شؤون الإنسان ليضمن له الفلاح في الدين والدنيا.
ويستشعر المسلم نعمة تدبير الله للأمور كلها. فالحلال بيِّن والحرام بيِّن. وفي كل شأن يجد المسلم لسان حاله يقول: «الحمد لله على نعمة الإسلام وكفى بها نعمة.»
لكن ماذا عن حياة المسلم المالية والاستثمارية؟
في هذا المقال سنكتشف كيف أبان الإسلام عن كل ما يحتاجه المسلم ليعيش حياة متزنة ماديًا وروحيًا، وكيف وفَّر للخلق كل العناصر التي بحقٍ تجعل الدنيا مزرعة الآخرة.
مفتتح الكلام أن أنسب الفضل لأهله. هذا المقال ثمرة قراءة كتاب «الاستثمار في الاقتصاد الإسلامي» للدكتورة أميرة عبد اللطيف مشهور. اعتمدت عليه في تخطيط العناصر الأساسية للمقال واستفدت منه معلومات كثيرة قيِّمة.
إقرأ أيضًا:
كل ما تريد معرفته عن نظام الاستثمار الأجنبي في السعودية
ما أهداف الاقتصاد الإسلامي؟
إن غاية الإسلام هي عبادة الله عز وجل بمعناها الواسع. وغاية الاقتصاد الإسلامي هي إعمار الأرض، أي إقامة مجتمع تقي منتج يبتغي من فضل الله، وتثمِّن أفراده قيمة استخلاف الله لهم للعمل في الكون.
ومقاصد الشريعة الخمسة (حفظ المال والعقل والنفس والدين والنسل والعرض) تنقسم إلى ثلاث فئات من حيث أولوياتها الاقتصادية:
- الضروريات: ما لا بد منه في قيام مصالح الدين والدنيا.
- الحاجيات: كل ما يؤدي إلى التوسعة ورفع الضيق.
- التحسينات: أمور تكميلية يؤدي الأخذ بها إلى تيسير وتحسين وتجميل الحياة.
من أجل ذلك كان الهدف الأول للاقتصاد الإسلامي هو تحقيق تمام الكفاية.
لكن ماذا نقصد ب«تمام الكفاية»؟
تعرِّف لنا الدكتورة أميرة عبد اللطيف تمام الكفاية بأنه: «حد الاستغناء عن الطلب من الآخرين، مع الأخذ في الاعتبار عند تقديره عدد من يعولهم الفرد واحتياجاته الضرورية إلى جانب احتياجات الفرد الذاتية.»
وتمام الكفاية مصطلح ديناميكي يتوقف على متوسط ظروف المجتمع المعيشية، فهو يتغير باستمرار بتغير المتوسط السائد في المجتمع.
وقد يكون حد الغِنى مرادفًا لتمام الكفاية، إذ أن معناهما واحد وهو إغناء أفراد المجتمع بما يوفر لهم حياة يرضون عنها ويجدون فيها الراحة والرفاه.
كيف سعى الاقتصاد الإسلامي إلى تحقيق تمام الكفاية؟
1- زيادة معدل إنتاج الطيبات
الطيبات جمع الطيب وهو عكس الخبيث. فهو ما يصلح وينفع ويرضى عنه الله سبحانه وتعالى وتستلذه نفس الإنسان صاحب الفطرة السليمة. فالأرض الطيبة هي التي تصلح للنبات والبلدة الطيبة هي الآمنة التي كثر فيها الخير والطِيْب هو العطر.
أما الطيبات في الاقتصاد الإسلامي فهي: «كل سلعة تتصف بالحسن والنقاء والطهارة وعكسها الخبائث.»
وقد أحل الله سبحانه وتعالى الطيبات وحرم الخبائث. قال تعالى في سورة الأعراف: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ ۚ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ ۙ أُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (157)﴾
وجاء في تفسير ابن كثير لهذه الآية: «كل ما أحل الله فهو طيب نافع في البدن والدين، وكل ما حرَّمه فهو خبيث ضار في البدن والدين.»
وكما أن الإسلام يميز بين الطيب والخبيث، فإنه يميز بين الفلاح والنجاح. حيث إن النجاح يتوقف على الظفر بالشيء وإدراكه أما الفلاح فهو الفوز بالدين والدنيا والبقاء في النعيم أبدًا.
فالجانب المشترك بين النجاح والفلاح هو الفوز، إلا أن النجاح فوز أحادي يختص بالدنيا فقط والفلاح هو الفوز دينًا ودنيا. قال تعالى في أول سورة المؤمنون: ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ(1)﴾
2- رفع الكفاءة الاقتصادية
ويكون ذلك من خلال التقدم في أي عنصر من عناصر الإنتاج، حيث يؤثر بدوره على الأداء الإنتاجي ويصب في زيادة المعدلات الإنتاجية ورفع جودتها.
لكن لا ينبغي أن يكون رفع الكفاءة الاقتصادية سببًا في تخفيض الجودة وإهمال الإتقان حيث حث الإسلام على الإحسان ومراقبة الله في كل شيء.
3- العدالة في توزيع الدخل
إن الله هو العدل وهو الذي وزَّع الأرزاق وقدَّرها. قال تعالى في سورة الزخرف: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ ۚ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ۚ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِّيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا ۗ وَرَحْمَتُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ (32)﴾.
وتأتي العدالة من فرض الإسلام الزكاة وحثه على الصدقات والإنفاق على الفقراء والمساكين وذوي الحاجات. قال تعالى في سورة المعارج: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ (24)﴾. كما حرم الإسلام الاكتناز والربا والاحتكار.
كل ذلك من أسباب تحقيق العدالة المالية وإعطاء كل ذي حق حقه دون إفراط ولا تفريط.
وتقول الدكتورة أميرة: «إذا كان التوحيد هو أساس العقيدة الإسلامية، فإن العدل هو جوهر المعاملات الإسلامية […] ويقوم مبدأ العدالة في الاقتصاد الإسلامي على أساس مفهوم العمل والملكية الفردية والكسب الحلال كأساس للإيراد أو الكسب المشروع، كما أن تحريم الربا والاكتناز دون إخراج الزكاة والاحتكار من الضوابط الشرعية التي تكفل تحقيق العدالة الاقتصادية والاجتماعية.»
كيف يرى الإسلام السعي والتكسب؟
لقد حث الإسلام على السعي والأخذ بالأسباب وأحل الزينة وأباح الطيبات. وكل ذلك يفتح سبل الأعمال الصالحة التي قد تحدث عن طريق التنمية والتطور. قال تعالى في سورة المؤمنون: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51)﴾ وقال في سورة الملك: ﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِن رِّزْقِهِ ۖ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ (15)﴾ وقال في سورة الأعراف: ﴿قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ ۚ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ كَذَٰلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32)﴾.
فيتضح من ذلك كيف وضح القرآن طريق التنمية وتحقيق تمام الكفاية من خلال الإيمان والسعي والعمل الصالح والأخذ بالأسباب.
أما في سنة النبي ﷺ فقد وردت أحاديث كثيرة في فضل العمل والسعي والتوسط الاقتصادي الرشيد. روى أحمد في مسنده أن رسول الله ﷺ قال: «إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه.»
وروى الطبراني في المعجم الكبير أن رسول الله ﷺ سئل عن أطيب الكسب فقال: «عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور.» وروى البخاري في صحيحه عن الرسول ﷺ أنه قال: «كان داود لا يأكل إلا من عمل يده.»
وروى الإمام أحمد أن رسول الله ﷺ قال: «أصلحوا رحالكم وأحسنوا لباسكم حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس.»
وقال رسول الله ﷺ: «لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرُزقتم كما يُرزق الطير تغدو خماصًا وتروح بطانًا.» أخرجه الترمذي. فمن هذه الأحاديث الشريفة نفهم كيف كان يدعو رسول الله ﷺ إلى العمل والإحسان والأخذ بالأسباب والتوكل على الله بحق.
أما ما ورد عن الصحابة والسلف الصالح في خيرية العمل والتنمية الرشيدة فكثير.
فعن أمنا عائشة رضي الله عنها أنها قالت: «كان أبو بكر رضي الله عنه أتجر قريش حتى دخل في الإمارة.»
وعن عمر رضي الله عنه أنه قال: الخَرَق في المعيشة أخوف عندي عليكم من العَوَز، لا يقل الشيئ مع الإصلاح ولا يبقى شيء على الفساد.» والخَرَق: الحماقة، والمراد هنا سوء التصرف بالمال كالتبذير.
وعن سعيد بن المسيِّب رضي الله عنه أنه قال: «لا خير فيمن لا يطلب المال يقضي به دينه ويصون به عرضه ويقضي به ذمامه وإن مات تركه ميراثًا لمن بعده.» والمراد بالذِّمام هنا الحقوق التي تكون على الإنسان.
وعن سفيان الثوري رضي الله عنه أنه قال: «ليس من حُبِّك الدنيا أن تطلب منها ما يُصلِحُك.»
وروى البخاري في صحيحه عن رسول الله ﷺ أنه قال: «اليد العُليا خيرٌ من اليد السُّفلى، وابدأ بمن تعول، وخير الصدقة عن ظهر غنًى، ومن يستعفف يُعِفَّه الله، ومن يستغن يُغْنِه الله.»
وجاء في مقدمة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة لكتاب الكسب للإمام الشيباني نص عظيم: «[…] والكسب في حياة المرء ركنٌ ركين من أركان عيشه، ومرفق أصيلٌ من مرافق حياته، لا بد له من القيام به، فإن الله يكره الرجل البطَّال والعالة على غيره مع سلامته وعافيته، ولذا اهتم الفقهاء —وفي طليعتهم الإمام محمد بن الحسن الشيباني— في بيان أحكامه، فبيَّنوا ما يحل منه وما يحرم وما يُستحب وما يُكره.»
فهذه الطائفة الطيبة من الآيات والأحاديث وأقوال السلف الصالح والعلماء الأجلاء تقف بنا على دور التنمية والعمل وطلب الحلال في المجتمع، وترينا كيف أن الإسلام دين يراعي شئون الدين والدنيا أشد المراعاة.
موقف الإسلام من التنمية والاستثمار
ما معنى التنمية؟
النماء في اللغة الزيادة. تقول: نمى الشيء إذا زاد وارتفع. أما التنمية فهي السعي إلى إحداث النماء في أي مجال حتى يتطور ويكبر قدر الإمكان.
أما مفهوم التنمية في الإسلام فهو سعي الإنسان إلى تحقيق تمام الكفاية والرفاه من خلال العمل والاستفادة من الكون الذي سخره الله سبحانه وتعالى له.
وعناصر التنمية كثيرة جدًّا وحدودها ما حرَّم الله عز وجل. أي أن مجال التنمية مفتوح في الإسلام ما لم يكن فيه شيء حرام. قال الله تعالى في سورة الأنفال: ﴿وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ ۚ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ (60)﴾.
وروى مسلم في صحيحه أن رسول الله ﷺ قال: «المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍّ خير. احرص على ما ينفعك واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيء فلا تقل لو أني فعلت كان كذا وكذا، ولكن قل: قدَّر الله وما شاء فعل، فإن «لو» تفتح عمل الشيطان.»
فإن الإنسان في الإسلام يسعى مبتغيًا من فضل الله راضيًا بقضائه متجنبًا لما حرَّمه الله عليه. فإذا ضرب في الأرض أو ركب السفن أو قام بأي نشاط دون أن يتعدى ذلك، كان ساعيًا إلى الخير وعاملًا بآيات الاستخلاف وعمارة الأرض.
ما موقف الإسلام من الاستثمار؟
الثمر في اللغة حمل الشجر وأنواع المال. والثُمُر الذهب والفضة. ويقال لكل نفع يصدر عن شيء ثمرته.
والاستثمار في الإسلام هو تشغيل المال بهدف تثميره وتزكيته، بشرط مراعاة الأحكام الشرعية فيه.
ولقد حث الإسلام على الاستثمار في مواضع كثيرة. قال الله تعالى في سورة المزمل: ﴿وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ۚ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (20)﴾.
واهتم الإسلام بالحفاظ على رؤوس الأموال، حيث روى الإمام أحمد عن رسول الله ﷺ أنه قال: «من باع دارًا ثم لم يجعل ثمنها في مثلها لم يبارك له فيها.» فحرص الإسلام على توجيه الفرد إلى ما له فيه خير وإلى ما ينتفع به المنفعة الأمثل.
أهداف الاستثمار في الإسلام
- مشاركة رأس المال في النشاط الإنتاجي من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية المرجوة.
- تنمية جميع العناصر الإنتاجية للحصول على أقصى استفادة منها.
- التشغيل الكامل لرأس المال من خلال توجيه المكتنزات والمدخرات إلى الاستثمار والإنتاجية وتحريم الاكتناز من غير إخراج الزكاة.
- توفير فرص العمل ومحاربة البطالة.
- رعاية مقاصد الشريعة اقتصاديًا.
ما دوافع الاستثمار في الإسلام؟
1- استخلاف الله الإنسان في الكون
قال الله عز وجل في سورة الأحزاب: ﴿إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ ۖ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا (72)﴾. وقال تعالى في سورة فاطر:﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ ۚ فَمَن كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ ۖ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا ۖ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا (39)﴾.
فقد استخلف الله عز وجل الإنسان في خيرات الكون وجعل السؤال عنها يوم القيامة جزءًا من الحساب. فالمرء إذا جعل تقوى الله نصب عينيه في جميع معاملاته التجارية والمالية.. كان بحق خليفة الله فيها.
وللاستخلاف بعدٌ اجتماعي لا ينبغي أن نغفل عنه لأنه يبرز ميزة اختص بها الاقتصاد الإسلامي عن غيره. فالنظام الاقتصادي الذي أقامه الإسلام يهتم بكل فئات المجتمع ويراعي حقوق الجميع من خلال فرض الزكاة والحث على الصدقات والكفالة والسؤال عن الجار. فأفراد المجتمع الإسلامي يعلمون إن للمجتمع حقًا في الأموال من أجل أن يستقيم ويشتد بعضه ببعض.
والأحاديث الشريفة التي أتت في هذا المعنى كثيرة جدًا. ورد في الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال: مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسَّهر والحُمَّى.»
وروى عبد الله بن عباس عن رسول الله ﷺ أنه قال: «ليس بمؤمن من بات شبعان وجاره إلى جنبه جائع وهو يعلم.» وورد في الصحيحين أيضًا أن رسول الله ﷺ قال: «ما من يوم يصبح العباد فيه إلا مَلَكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهم أعطِ منفقًا خَلَفًا، ويقول الآخر: اللهم أعطِ ممسكًا تَلَفًا.»
2- الاستثمار بصفته عبادة
جاء في مسند أحمد عن رسول الله ﷺ أنه قال لسعد بن أبي وقاص رضي الله عنه: «عجبتُ للمؤمنِ إن أصابَهُ خيرٌ حمدَ اللهَ وشكرَ وإن أصابتْهُ مصيبةٌ احتسبَ وصبرَ المؤمنُ يُؤجرُ في كلِّ شيْءٍ حتى في اللقمةِ يرفعها إلى فيهِ.»
وقد تظن أن عبادة الله لا تكون من خلال الاستثمار أو الشؤون المالية بصفة عامة. لكن الأمر ليس كذلك. فإننا إذا تفكرنا في إفادة ذلك الاستثمار للمجتمع من خلال تقليل البطالة وإخراج الزكاة والإحسان في الإنتاج —نجد أن كل ذلك مما يُثاب المسلم عليه.
3- تنمية الملكية الفردية
فقد أباح الإسلام الملكية الفردية. وللإنسان أن ينميها ما دام لم يبغِ على أحد ولم ينل شيئًا حرَّمه الله وأخرج حق الله فيها.
4- الزكاة
الزكاة فرض إسلامي لا خلاف فيه. فهو من الأركان الخمسة التي بُني الإسلام عليها. وردف في الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال: «بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والحج وصوم رمضان.»
وتلعب الزكاة دورًا هامًا في الاستثمار، حيث تحارب الاكتناز باستقطاع 2.5% من الأموال التي تزيد عن حد النصاب، وهو ما يؤدي إلى استقطاع 10% من الأموال المكتنزة في 4 سنوات، و 35% منها في 15 سنة. كما أن الزكاة تؤدي إلى كفاية الحاجات الاستهلاكية للفقراء وإعادة توزيع الدخل وفتح فرص ربحية جديدة إمام المُعسرين.
قد عرفت مما عُرض في هذا المقال أن الاستثمار يمثِّل ركنًا ركينًا من أركان تحقيق الكفاية والرفاه في الإسلام.
فالإسلام قد دعا إلى الاستثمار والتجارة وإنتاج الطيبات والتمتع والتزيُّن بها.
لكنه كذلك أوضح أن النجاح في الحياة المادية لا يكفي، وأن الفلاح الذي يجمع بين الدين والدنيا ويجعلها مزرعة الآخرة هو أفضل ربح وأغلى تجارة.
ونحن في منصة ابدأ نسعد لمساعدتك في الاستثمار في العقارات بشكل طيِّب ورشيد.
تواصل معنا واتخذنا عونًا في «فلاح» استثمارك العقاري القادم.
إن غاية الإسلام هي عبادة الله عز وجل بمعناها الواسع. وغاية الاقتصاد الإسلامي هي إعمار الأرض، أي إقامة مجتمع تقيٍّ منتج يبتغي من فضل الله، وتثمِّن أفراده قيمة استخلاف الله لهم للعمل في الكون.
لقد حث الإسلام على السعي والأخذ بالأسباب وأحل الزينة وأباح الطيبات. وكل ذلك يفتح سبل الأعمال الصالحة التي قد تحدث عن طريق التنمية والتطور. قال تعالى في سورة المؤمنون: ﴿يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا ۖ إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ (51)﴾
النماء في اللغة الزيادة. تقول: نمى الشيء إذا زاد وارتفع. أما التنمية فهي السعي إلى إحداث النماء في أي مجال حتى يتطور ويكبر قدر الإمكان. أما مفهوم التنمية في الإسلام فهو سعي الإنسان إلى تحقيق تمام الكفاية والرفاه من خلال العمل والاستفادة من الكون الذي سخره الله سبحانه وتعالى له.
الاستثمار في الإسلام هو تشغيل المال بهدف تثميره وتزكيته، بشرط مراعاة الأحكام الشرعية فيه. ولقد حث الإسلام على الاستثمار في مواضع كثيرة. قال الله تعالى في سورة المزمل: ﴿وَآخَرُونَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۖ فَاقْرَءُوا مَا تَيَسَّرَ مِنْهُ ۚ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا ۚ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا ۚ وَاسْتَغْفِرُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (20)﴾.
1- استخلاف الله الإنسان في الكون - 2- الاستثمار بصفته عبادة - 3- تنمية الملكية الفردية - 4- الزكاة ما أهداف الاقتصاد الإسلامي؟
كيف يرى الإسلام السعي والتكسب؟
ما معنى التنمية؟
ما موقف الإسلام من الاستثمار؟
ما دوافع الاستثمار في الإسلام؟