سيكولوجية المال عندما يكون اكتساب العادات طريقك لبناء الثروة .

يضع لنا مؤلف كتاب ” سيكولوجية المال The Psychology of Money” مورجان هوسيل ” عدة مفاهيم جديدة عن تحقيق الثروة والحفاظ عليها , الجديد فيما يطرحه ” هوسيل ” هو أنه يثبت أن الأمر يتعلق بالجانب النفسي وبسلوكيات وعادات الأفراد في التعامل مع المال  أكثر مما يتعلق , بالذكاء المالي أو مهارات الاستثمار , ويتبنى دائما توضيح هذا المفهوم وإثبات هذا المبدأ باستعراض أبرز القصص لأغنى رجال الأعمال والمستثمرين في العالم .

فمن الوارد جدًا أن ترى شخصا عادى لا يملك القدر الكبير من الذكاء , أو حتى درجة علمية مرموقة ولكنه وصل إلى أعلى درجات الثراء , ونحن هنا وعلى الرغم من ذكر بعض الأفكار الجيدة من الكتاب إلا أننا لا نتغافل عن إرادة الله في توزيع الأرزاق على جميع خلقه , كما أننا نقر بالسعي والاجتهاد والجوانب النفسية والسلوكية في الوصول إلى الثروة والحفاظ عليها .

 ابدأ مبكرًا وتعلم أن الوقت سرك الأهم 

هل اطلعت على قائمة الأغنى في العالم مؤخرا , أريد منك أن تترك أول خمسة أفراد بالقائمة فهم ليسوا موضوعنا الأن , ( وارن بافيت ) أغنى سادس رجل على هذا الكوكب يبلغ من العمر تسعون عاما , ويبلغ من الثروة ما يفوق عمره بستة مليارات من الدولارات فإجمالي ثروته بلغ 96 مليار دولار,

فهل تظن أنه وصل إلى تلك الثروة بفضل أنه أذكى رجل في العالم أو سادس أذكى رجل إذا اعتبرنا الثروة مقياسا للذكاء , فالحقيقة التي لا يذكرها الكثير عن (وارين بافيت)  أنه بدأ رحلة استثماره مبكرًا جدًا وهو في سن الحادية عشرة , ووصل إلى أول مليون دولار بعمر ال30 ولكن بحساب الفارق الزمني فإنها تساوى حوالي 9 مليون دولار في وقتنا هذا , لنتخيل معاً أن ” وارن بافيت ” قرر أن يعيش مثل أي شخص عادى ولا يفكر في الاستثمار ووفر القليل من المدخرات حتى سن ال30 , ووجد لديه 25000 دولار فقط وقرر أن يستثمرهم .

وبافتراض تحقيقه لنفس العائد الذي يحققه ” بافيت ” وهو 22% على هذا المبلغ فإنه عند سن التقاعد سيمتلك حوالي 11  مليون دولار ( وهو ليس مبلغ سيء على الإطلاق ) ولكن إذا ما قارنته ب 85 مليار دولار ندرك أن الفرق كبير وكبير جداً.

إن أهم ما يميز ” وارن بافيت ” وأهم درس يجب أن نتعلمه من قصته ليست عبقريته المالية أو ذكاءه , ولكن الدرس الأهم هو البدء مبكراً وعدم تأخير قرار الاستثمار مهما كان المبلغ بسيط فإن العوائد المركبة وطول الفترة سوف تبنى لك ثروة تقدر بالملايين , ستكون في أشد الحاجة لها عند التقاعد وانكماش الدخل , بالإضافة لأنها ستجعلك تستمتع بحياتك عن طريق مستوى الرفاهية الذي ستمنحه لك .

إن كانت مهارة ” وارن بافيت ” هي الاستثمار فإن سر نجاحه هو الوقت .

حرصك على استثمار جزء من مدخراتك أو من دخلك , والصبر على جنى ثمار استثمارك سيكون من أهم العوامل في بناء الثروة .

إقرأ أيضًا:

كيف حول الاستثمار العقارى ميكانيكى السيارات إلى مليونير ؟

 هل تحقيق الثراء أمر بالغ الصعوبة ؟

أول أمر إذا سألت نفسك هذا السؤال فتلك بداية خاطئة , السؤال الأهم والذي ينبغي عليك أن تبدأ به ” كيف يمكنني أن أنفق أقل وأستفيد أكثر ؟ “

إذا وصل دخلك إلى مليون ريال في العام وأنفقتها بالكامل , فهل هذا يعنى أنك غنى ؟ على الإطلاق , إن تحقيق الثراء والحرية المالية لا يتعلق بمقدار الإنفاق بقدر ما يتعلق بالتحكم فيه , فالثروة ليست المال إنما مجموعة من السلوكيات المكتسبة التي تؤدى في النهاية إلى توفير القدر اللازم من المال الذي يمكننا من تحقيق الحرية المالية والعيش برفاهية .

 السر الحقيقي لنجاحك في الادخار

إذا قلت لك ادخر جزء من دخلك الشهري فهل هذه النصيحة جديدة أو صعبة التنفيذ ؟ على ما يبدو أن الأمر سهل ولكن أعلم جيداً أن أغلب من يقرأ هذه السطور لا يقوم باقتطاع جزء من دخله من أجل الادخار بل أغلب الناس لا يفعلون ذلك الأمر الذي قد يبدو بسيطاً ,

السر في هذا أنهم يعتمدون على أنهم سيدخرون ما يتبقى من دخلهم في نهاية الشهر , ولكن الأمور لا تسير بتلك الطريقة يجب مع بداية الشهر أن تقول سوف أدخر مبلغ 100 ريال أو 1000 ريال وأنفق الباقي , وليس سوف أنفق وأدخر الباقي هذا الخطأ الذي يقع فيه معظم الراغبين حقًا في الادخار .

كذلك من الخطأ أن تدخر من أجل شيء معين مثل شراء منزل أو سيارة , فالادخار يمنحك الإمكانية لاستغلال الفرص إننا في عالم مليء بالمتغيرات إن كنت لا تجد سببا للادخار الآن ,  فليس من المستبعد بنهاية قراءتك للمقال أن يستجد أمر يمثل فرصة حقيقية عليك أن تستغلها .

أهم النصائح لتحقيق الثروة 

ليس هناك طريق واحد لتحقيق الثراء , ولكن هناك بعض العادات التي إن التزمت بها فستحسن فرصك في زيادة ثروتك :

•  أولا ً حاول أن تنوع مصادر دخلك ( الوظيفة مصدر _ العمل الحر إن أمكن _ استثمار جزء من دخلك )

المفهوم الرئيسي لتنويع مصادر الدخل أن الاعتماد على مصدر دخل واحد لا يؤدى فقط إلى تقليل فرصك في تحقيق الثروة , ولكن يزيد من مخاطر فقدانك للأمان المادي في حال انقطع مصدر دخلك الوحيد , على عكس تنوع مصادر الدخل التي تعمل على زيادة فرصك في تحقيق الثروة وفي حال تأثر أو انقطع أحد المصادر فإن البقية ستوفر لك المال اللازم لتستمر في الإنفاق .

•  ثانيا استثمر في نفسك 

إنه الاستثمار الأعلى عائدا إن كنت لا تعلم , فالعامل المشترك بين أكثر الرجال ثراءً في العالم هو عدم توقفهم عن القراءة والمعرفة مهما بلغت ثروتهم  ” المقياس الحقيقي لثروتك هو مقدار ما تستحقه إذا فقدت كل أموالك ” هذه المقولة وإن كانت غير معروف كاتبها , إلا أن تأثيرها معروف على حياة من يؤمن بها ويطبقها , فلا تبخل أبداً بالوقت قبل المال في أن تنمى معرفتك ومهاراتك

• ثالثا ضع دائما مالاً كهامش أمان

في بداية شركة مايكروسوفت العملاقة ,حدد مؤسسها ” بيل جيتس ” رواتب عام كامل كهامش أمان ,ليكون قادرًا على الاستمرار ويحمى نفسه من التوقعات غير المضمونة , كذلك أنت ضع في حسبانك دائما توفير مبلغ يمثل لك هامش أمان .

•  رابعا الثروة هي ما لا تراه بعينك

لا تجعل المظاهر تخدعك وتجبرك على أن تنفق أموالك لتبدوا في وضع اجتماعي جيد , إن أسرع طريقة لفقد المال هو أن تنفقه لتظهر للناس أنك تمتلك الكثير منه , إن تعريف الثروة هو أن تنفق أقل .

•  خامسا إن لم يعن لك المال الحرية فلن يفيدك زيادته

إن العائد الأكبر للثراء هو الحرية , أن تتحكم في وقتك , أن تصحوا من النوم وأنت تستطيع أن تفعل ما تريد ,أما أن يتحكم بك المال أو الوظيفة فحتى لو حصلت على ملايين فلن تصبح حرًا

هذه هي النقط والنصائح التي استعرضناها من كتاب ” سيكولوجية المال The Psychology of Money” , والتي نرجو أن تكون مفيدة لكل قارئ.

وأخيرًا تذكروا دائما أن السلوك في التعامل مع المال والتحكم في إدارة تعاملاتنا مع المال هي ما تصنع الفارق وليس مقدار الذكاء المالي بالإضافة إلى , الادخار، الاستثمار على المدى الطويل، تنوع مصادر الدخل ،الاستثمار في الذات ، هامش الأمان ، الثروة أن تنفق أقل ، تحكم في المال واجعله مصدرا للحرية ولا تجعله يتحكم فيك .

ودائما لا تجعل مرور الوقت عائقا لك لكي تبدأ في تعديل تعاملاتك مع المال .