العوامل المؤثرة في أسعار العقارات: حدِّد السعر المناسب لعقارك

تسعير العقار من الأمور التي يحتار فيها الكثير، لكن قرار الشراء أو التأجير لا بد منه.

لذا ينبغي أن يكون عندك خلفية عن أساسيات تسعير العقارات والوصول إلى العرض المناسب لاحتياجاتك.

من أجل ذلك جمعنا لك في المقال الأول من سلسلة التقييم العقاري كل المعلومات التي تحتاجها للتصرف في العقارات، سواء بالبيع أو الشراء، تصرفًا مربحًا.

العوامل المؤثرة في أسعار العقار

التركيبة السكانية

تتناول التركيبة السكانية كافة التفاصيل الخاصة بالسكان مثل العمر والجنس والقدرة الشرائية. ومن خلال تلك التفاصيل يمكنك أن تقيِّم تغير الأسعار في منطقة أو دولة ما، بل وتتوقعه قبل حدوثه. مثلًا إذا نظرنا إلى أسعار العقارات في مكة والمدينة المنورة سنجد دون أدنى شك أنها أعلى من أسعار مدن السعودية الأخرى كالرياض وجدة. هذا يرجع إلى عدة عوامل مثل سياحية المنطقة واشتغالها بزوار بيت الله على الدوام والنشاط التجاري الكبير فيها، ويتبع ذلك عدة أنماط للتراكيب السكنية هناك.

كما أن ميول شريحة عمرية معينة مثل الشباب إلى السكن في شقق صغيرة أو الإكثار من السفر وعدم الميل إلى تملك الشقق الكبيرة، كذلك يؤدي إلى تغير أسعار سوق العقارات.

من أجل ذلك إذا كانت لديك القدرة على الاطلاع على التركيبة السكانية للمنطقة التي تستثمر فيها وفهم الأرقام الخاصة بها فافعل ذلك ففيه فائدة كبيرة.

جغرافيا منطقة العقار

جاء في بعض الإحصائيات أن المدن غير القابلة للتوسع، مثل المدن المحدودة بالجبال والسواحل، تكون العقارات فيها أغلى من المدن القابلة للتوسع. أضِف إلى ذلك نشاط المدينة وجاذبيتها حيث إنه كلما كانت المدينة نَشِطة اقتصاديًّا وتجاريًّا وكانت كذلك محدودة وغير قابلة للتوسع فسيكون الطلب أعلى من العرض وهذا سيسبب غلاء أسعار العقارات في تلك المدينة.

وهناك العديد من العوامل الجغرافية الأخرى التي تؤثر في أسعار العقارات مثل المناخ والموارد الطبيعية وتوفُّر المياه. فعليك، إذن، الانتباه إلى تلك العوامل عند تحديد الاستثمار العقاري المناسب لك.

حالة السوق العقاري وأسعار المنطقة

تؤثر الحالة العامة للسوق العقاري على أسعار العقارات بغض النظر عن تميُّز العقار. وهذا يلفت الانتباه إلى أن السوق العقاري من أهم العوامل التي لا بد أن يعتبرها المستثمر العقاري حال شرائه أو بيعه، فلا يشتري والسوق مرتفع ولا يبيع والسوق منخفض.

والمنطقة الموجود فيها العقار تؤثر على سعره. فإذا كانت منطقة متوسطة لا ينبغي أن يرتفع سعر العقار فيها عن المتوسط وأن يتعامل معه المشتري كأنه عقار في منطقة أرقى. وهذه نقطة يستخدمها المشتري (والمستثمر العقاري) في تحديد سعر العقار المناسب وعدم شرائه بأعلى من قيمته. 

وعلى مالك العقار ألا ينفق كثيرًا عليه بحيث إذا أراد بيعه وجد أن المنطقة لا تبيع بالسعر الذي يريد وخسر جزءًا مما أنفق على عقاره، بل ينفق بما يتلائم مع متوسط أسعار العقارات في المنطقة حتى إذا أراد بيعه استطاع أن يربح فيه مقابل ما أنفق.

وقت شراء العقار

أحيانًا يقيِّم السوق العقارات بأغلى من قيمتها الواقعية وأحيانًا يفعل العكس فيكون سعرها أقل من قيمتها الواقعية. وهو أمر مماثل لما يحدث في السوق المالية وغيرها من الأسواق. 

المستثمر العقاري لا بد أن يتعلم التمييز بين الحالتين وألا يشتري إلا إذا كان سعر الشراء أقل من القيمة الحقيقية. ويعتمد مستثمرون كثيرون على هذا النقطة في صناعتهم لثرواتهم، وتستطيع أنت أيضًا أن تفعل ذلك. كل ما عليك فعله أن تتعلم كيف تقيِّم العقار وتعرف سعره الحقيقي ثم تبحث عن الفرص المميَّزة ولا تتركها حين تجدها.

النشاط الاستثماري في المنطقة

هل هناك الكثير من المستثمرين العقاريين في المنطقة أم أن أغلب الموجودين فيها من السكان؟

إن وجدت مستثمرين كثيرين في المنطقة فقد يكون ذلك دليلًا على ربحيتها، لكنه مجرد عامل ثانوي، فلا تعتمد عليه اعتمادًا كاملًا.

وقد يُقصد أيضًا بالنشاط الاستثماري وجود العديد من الاستثمارات غير العقارية في المنطقة، فهذا يدل على تطور المنطقة وجذبها للبشر ذوي الإمكانات العالية.

أيًّا يكن مقصودنا من “النشاط الاستثماري” فإنما نهدف إلى اعتباره في جملة العوامل المؤثرة في العقارات لا أن يكون العامل الوحيد والمحدِّد لاختيارك كما نرى في كثير من الأحيان.

الاقتصاد

ربما اتضح لك من العوامل السابقة أن الاقتصاد عامل قوي جدًّا في تغيير أسعار العقار. ذلك أنه كلما نشط الاقتصاد وارتفع مستوى معيشة الفرد كان أقدر على الادخار والاستثمار، وكلما قلَّ مستوى معيشته كان أحرص على تلبية احتياجاته الأساسية وربما أنفق ١٠٠٪ من دخله عليها.

لكن الأمر لا يتوقف عند ذلك، فمع التذبذبات الاقتصادية تقل الرغبة في الاستثمار خوفًا أن يتسبب ذلك في الضغط المالي على المستثمرين أو أن تخسر استثماراتهم دون وجود تغطية لتلك الخسارة حال استمرار التذبذب. وكذلك يبتعد المستثمرون عن الاستثمارات الضخمة مثل العقارات حيث إنها تتطلب مصاريف مستمرة وهو ما يتعارض مع ظروف التذبذب الاقتصادي التي قد لا تترك معهم فائضًا يستثمرونه.

العرض والطلب

العرض والطلب من أقدم العوامل المؤثرة في الأسعار بصفة عامة وفي أسعار العقارات بصفة خاصة. وليس غريبًا أن تزيد الأسعار كلما زاد الطلب وتقل كلما قلَّ الطلب، لكن هناك عوامل تؤثر في الزيادة والنقصان، كثير منها مذكور في مقالنا هذا مثل الاقتصاد وتذبذباته وحالة السوق وموقع العقار.

فالمطلوب، إذن، أن تحسن فهم العوامل التي تؤثر على العرض والطلب ثم تربطها به حتى تعلم لمَ ينقص ولمَ يزيد من أجل أن يكون قرارك الاستثماري مبنيًّا على أساس مدروس.

حدوث الأزمات

نشهد الآن أزمة كورونا التي هزَّت عديدًا من الكيانات والأسواق العالمية. وقد رأينا كيف تأثَّر السوق العقاري حيث تراجعت نسبة المبيعات في أغلب دول العالم وكاد أن يتوقف البيع والشراء تمامًا بسبب خوف الناس من الإصابة بكورونا إذا نزلوا ليشتروا شيئًا. هذا التراجع جعل سوق العقارات يعاني معاناة شديدة وانخفضت الأسعار في العديد من المناطق، لكنها بدأت في التحسن مع عودة الناس إلى الحياة الطبيعية شيئًا فشيئًا.

مساحة العقار وهيئته وعمره

من أهم العوامل الخاصة بالعقار نفسه والتي تؤثر في ارتفاع أو انخفاض سعره مساحة العقار وهيئته التي بُني عليها وعمره.

سعر المتر هو الوحدة التي يُحدد بها السعر الأولي للعقار، لذلك فإن مساحة العقار تؤثِّر تأثيرًا مباشرًا في سعره. 

لكن السعر وحده لا يكفي. فهيئة العقار تؤثِّر في سعره أيضًا إذ يهتم المشتري بعدد غرف النوم ومساحة غرفة المعيشة وهكذا؛ مثلًا المنزل ذو غرف النوم الكثيرة سيكون جاذبًا للعائلات ذات الأفراد الكثيرة والتي تحتاج إلى عدد من غرف النوم. كما أن هناك عائلات تفضل أن تحظى بمساحات واسعة سواء في غرفة المعيشة أو في مرافق المنزل، كل ذلك من عناصر هيئة المنزل التي قد ترفع من سعره وتجعله جاذبًا لمشترٍ دون آخر.

وقد يغفل بعض الناس عن اعتبار عمر العقار في عوامل تقييمه، لكنه عامل مهم لأنه ليس علامة على متانة العقار وأنه بُني بأحدث تكنولوجيا، لكنه دليل أيضًا على عصرية العقار وتصميمه، وهي عوامل يهتم بها كثيرون من المشترين العقاريين.

مرافق العقار

مرافق العقار، وإن قلت أهميتها عن مساحته، إلا أنها عامل قوي في تحديد سعر العقار وعامل أقوى في جذب المشترين الذين تعجبهم تلك المرافق ويريدون أن يستمتعوا بها. فهي، إذن، تعتبر وسيلة بيع للعقار ورفع لسعره في بعض الأحيان.

وأنواع المرافق كثيرة مثل: حمامات السباحة ومراكز الرياضة والحدائق وغير ذلك كثير فقد يعتبر إطلال العقار على منظر أو شارع معين من المرافق ووسائل الراحة التي ترفع من سعره. 

موقع العقار

قد يزيد موقع العقار العرض والطلب عليه أو ينقصه مما يؤثِّر في سعره. وهناك عدة عوامل يتأثر بها موقع العقار مثل الازدحام والهدوء، فأغلب الناس لا يتمنى أن يسكن في مكان مزدحم وصاخب، بل يرجو أن يكون منزله في مساحة هادئة حتى يرتاح فيه. كذلك القرب والبعد من الأماكن الحيوية، فلا أحد يريد أن يتكبَّد مشقة في الذهاب إلى السوق أو المدرسة أو العمل لذلك يهتم معظم المشترين بهذا العامل.

طريقة عرض العقار على المشترين

ربما ترى أن الطريقة التي يُعرض بها العقار على المشترين لا تؤثِّر في قراراتهم أو ليس بتلك الأهمية، لكن الخبراء أكدوا أن عرض المنزل بطريقة جيدة وجذابة يؤثِّر على قرارات المشترين وسرعة البيع. فكما تعلم العين تأكل قبل البطن وفي هذه الحالة تشتري قبل العقل. من أجل ذلك وجدنا عدة شركات قد تخصصت في مجال تجهيز المنازل قبل عرضها للبيع، وهذا إن دلَّ فيدل على أهمية طريقة العرض ودورها في بيع العقار.

خدمات منطقة العقار

تميُّز المنطقة الموجود فيها العقار على المناطق الأخرى يؤدي إلى تميُّز العقار وارتفاع سعره نسبيًّا. فإذن ينبغي عليك أن تبرز ذلك إذا كنت تبيع عقارك وتعلم أن المنطقة الموجود فيها تتسم بقرب الخدمات وتعددها. وإذا كنت تشتري عليك أن تعلم أحوال المنطقة ونظام الخدمات فيها فإن ذلك عامل مهم في تحديدك للعقار المناسب ثم تحديدك للسعر الذي يلائمه.

العقارات المماثلة Comparables

يستخدم المقيِّمون العقاريون العقارات ذات الحالات والإمكانات المشابهة، سواء في نفس المنطقة أو في مناطق قريبة منها، للمقارنة بين الأسعار.

وعادة لا يستخدم المقيِّمون أسعار الوحدات المُباعة بعد أكثر من سنة لأنهم يريدون أن يحصلوا على أقرب سعر لنفس الظروف التي يبيعون أو يشترون فيها العقار الآن.

استخدام العقارات المماثلة يمثِّل أداة فعَّالة وعادلة في تقييم العقارات ويستطيع أن يلجأ إليها المشتري والبائع ليثبت كلٌّ منهم وجهة نظره في التسعير حتى يصلوا إلى اتفاق نهائي.

كيف تحدد سعر عقارك؟

هناك العديد من الوسائل المتاحة لتقييم العقار والحصول على أعدل سعر له مثل استخدام مقيِّم عقاري خبير أو الاطلاع على مواقع المقارنة والتسعير على الإنترنت.

ومع العوامل التي تعرَّفت عليها في هذا المقال يمكنك أن تحصل على تقييم واقعي جدًّا للعقار. اعرض عقارك على كل عامل من العوامل الموجودة هنا وانظر إذا كان هذا العامل يؤثِّر عليه بالسلب أو الإيجاب، وأخيرًا قارنه بالعقارات التي بيعت في منطقتك أو في المناطق المجاورة خلال ١٢ شهرًا وسيكون التسعير الذي وصلت إليه قريبًا جدًا من سعر البيع أو الشراء المناسب له. بعد ذلك إذا ظننت أنك تحتاج إلى مزيد من الدقة فيمكنك استشارة مقيِّم خبير ليساعدك في اتخاذ القرار النهائي.

هكذا تكون قد تعرَّفت على معظم العوامل المؤثِّرة في تسعير العقار وأصبحت واثقًا بأنك تتخذ أصح القرارات.

اطلع على المقال الثاني من سلسلة التقييم العقاري: كيف تفحص العقار وتقيِّمه

اطلع على المقال الثالث من سلسلة التقييم العقاري: كيف تحلل العقارات وتستثمر في أفضلها