احصل على أفضل عرض: دليل المبتدئين في فن التفاوض

في مقابلة عمل جديد سُئلت عن الراتب الذي تريده.. كم تطلب؟ وكيف تفاوض لتحصل على ما تطلب؟

إن التفاوض لمهارة مهمة في حياتنا، يستخدمها المشتري والموظف والمستثمر على حدٍ سواء.

لذلك نقدِّم لك دليل المبتدئين في فن التفاوض لتأخذ الخطوة الأولى في إتقانه.

تعريف التفاوض

عرَّف مؤلفو كتاب الوصول إلى نعم Getting to yes التفاوض بأنه:

«مناقشة من أجل الوصول إلى اتفاق حينما يجمعك بالطرف الآخر اهتمامات متبادلة ويفصل بينكما اهتمامات أخرى متعارضة.»

ويحاول كل طرف أثناء التفاوض أن يحقق أكبر مكسب ممكن من خلال توظيف نقاط قوته واستكشاف ما يدور بذهن الخصم. وتلعب المفاوضة دورًا مهمًا في حياة كل واحد منّا بسبب وجودها في أغلب القرارات التي تتطلب التعامل مع الآخرين.

عناصر التفاوض

الاهتمامات

لكلٍّ منًّا اهتمامات ترتكز عليها مواقفه في أي نقاش أو مفاوضة؛ لذلك إذا استكشفت موقف الطرف الآخر وحاولت معرفة اهتماماته التي تدعم موقفه فستكون أمهر في تفاوضك.

النزاهة

لا يقبل أي شخص أن يُتلاعب به في المفاوضات، ولو كان في احتياج شديد إلى إبرام الاتفاق وإتمامه. كما أن الغش في التفاوض لا يدل على مهارة الغشاش في التفاوض، بل على جهله بدور التفاوض بين المرء وأخيه.

السُمعة والعلاقات

لا تحملك الرغبة في كسب المفاوضات على خسارة الأطراف الأخرى. فإن المفاوضة إذا كانت محفوفة بالأخلاق الحسنة لن تخسر من تناقش وإن اختلفتم وكذلك إن لم ينتهِ النقاش بحل يجمع بينكما. 

لا تنسَ أن عمر سُمعتك أطول من عمر المفاوضة والتزم بالصورة التي تحب أن تُرى بها دائمًا مهما كانت المكاسب التي قد تخرج بها من المفاوضة.

البدائل

لأي تفاوض بدائل قد يتخذها أي طرف بدلًا من التوصُّل إلى اتفاق. ولو لم يكن هناك بدائل لخسرت المفاوضة عنصر الاختيار، إذ أن الطرف لن يكون أمامه إلا أن يقبل. 

ويذيع بين المهتمين بفن التفاوض مصطلح «البديل الأفضل للاتفاق المُتفاوض عليه» BATNA. ويُقصد به أن أطراف المفاوضة تجهز بدائلها تحسُّبًا لفشل التفاوض ووقوفه عند طريق مسدود.

التواصل

لا يحدث التفاوض إلا بالتواصل، أيًّا كانت الوسيلة. وكلما كان المتفاوض أمهر في التواصل كان أقدر على إتمام المفاوضة لصالحه.

أهمية إتقان فن التفاوض

تكمن أهمية التفاوض في أننا لا نستغني عنه في أغلب جوانب حياتنا؛ نتفاوض حينما نشتري وحينما نبيع وإذا عزمنا على اتخاذ قرار فإننا نتفاوض مع أنفسنا.

لكن المواقف تختلف، فتفاوضك مع بائع المنزل الذي تريد شراءه سيختلف لا محالة عن تفاوضك مع رئيسك عندما تريد أن تطلب زيادة في راتبك. وكلما زادت أهمية الموقف كنتَ إلى إتقان فن التفاوض أحوج.

خطوات التفاوض

١- أعِد نفسك جيدًا
٢- اتفق مع الطرف الآخر على قواعد التفاوض
٣- تبادل المعلومات مع الطرف الآخر واستوضح الغامض منها
٤- استخدم ما في جعبتك لتصل إلى أفضل اتفاق
٥- اختم المفاوضة وابدأ في التنفيذ

١- أعِد نفسك جيدًا

لإعداد نفسك للتفاوض أكبر أثر على النتيجة التي ترجوها. فإنك إذا حددت هدفك وحللت الموقف وجمعت أكبر عدد من التفاصيل التي تقويك في المفاوضة —ستبدأ المفاوضة وأنت الطرف الأقوى.

٢- اتفق مع الطرف الآخر على قواعد التفاوض

لكل مفاوضة ظروفها الخاصة بها؛ لذلك ينبغي أن تتفق مع الطرف الآخر على طريقة سَيْر التفاوض، من أجل أن يسير كما ينبغي ويصل بكما إلى اتفاق مبرم يرضى عنها كلاكما.

٣- تبادل المعلومات مع الطرف الآخر واستوضح الغامض منها

في هذه المرحلة يبدأ الطرفان في إبراز موقفه وما يحتاج الطرف الآخر إلى فهمه. ويجب الالتفات إلى مسألتين في هذه المرحلة. الأمر الأول ألا تفصح عن أي معلومة تنتقص من قوتك وتعين الطرف الآخر على استغلالها في مصلحته. وأهم ما لا ينبغي الإفصاح عنه هو نقطة التحفظ، لأن المُفاوض الآخر سيعرف الحد الأدنى الذي سترضى به ويعرضه عليك. بذلك تكون مكَّنَته من الانتصار في التفاوض. أما الأمر الثاني فهو أن تساعد الطرف الآخر على فهمك وفهم متطلباتك بوضوح، فهناك أمور يكون للغموض فيها أثر سلبي على إتمام الاتفاق.

٤- استخدم ما في جعبتك لتصل إلى أفضل اتفاق

في هذه الخطوة ستستخدم مهاراتك التفاوضية وستقدِّم أفضل ما عندك من أجل الوصول إلى أفضل اتفاق لك. هنا يبرز المفاوض المتقن ويظهر إمكانياته. لذلك فهي أهم خطوة في خطوات المفاوضة.

٥- اختم المفاوضة وابدأ في التنفيذ

إذا توصلتم إلى اتفاق، فاختم التفاوض بلباقة واشكر الطرف الآخر على وقته. وأعِد، باختصار، الاتفاق ودور كل طرف فيه إن أمكن.

أهم مهارات التفاوض

• القدرة على التواصل الفعَّال
• الثقة في النفس
• السيطرة على المشاعر والانفعالات

القدرة على التواصل الفعَّال

الفرق كبير بين أن تفاوض شخصًا ينصت إليك ولا يلتفت يمينًا ويسارًا ويستخدم لغة الجسد ليوصل إليك رسائل دون أن يتحدث وبين من لا يعبأ بما تقول ويقاطع حديثك ويظهر ضجره بعد أول دقيقة من المفاوضة. لذلك فإن أهمية التواصل الفعَّال في المفاوضة لا حد لها، ولا نبالغ إذا قلنا إنها قد تكون الفيصل بين إتمام التفاوض أو فشله. ومن أبرز مهارات التواصل الفعَّال:

• التركيز مع الطرف الآخر
• الإنصات وعدم المقاطعة
• استخدام لغة الجسد
• توظيف نبرة الصوت المناسبة لإيصال المعنى

الثقة في النفس

 إن شعر الطرف الآخر بأنك لا تثق في نفسك ولا تثق في القيمة التي تقدِّمها وتفاوض عليها —فقد يتخوَّف من إتمام الاتفاق أو أسوأ قد يبدأ بالتلاعب ليستغل ضعف الثقة. لذلك مهمٌ جدًّا أن يتمتع المفاوض الجيد بمستوى ثقة عالٍ في نفسه.

السيطرة على المشاعر والانفعالات

تذكر: الأمر ليس شخصيًّا وهدف المفاوضة هو تقريب المواقف والجمع بين الاهتمامات. لا ينبغي أن تُظهر انفعالاتك أما الطرف الآخر لأنه سيستغلها لا محالة. والمشاعر هنا لا تتوقف على السيئة أو الصعبة منها فحسب، بل كذلك السعيد والجميل؛ تخيَّل مثلًا أن الطرف الآخر قدَّم لك عرضًا جيدًا، فأظهرت سعادتك به، فسينتهي الأمر وستفقد قوتك على التفاوض لأنك بالفعل عبرت عن قبولك للعرض الأول.

عوامل تقرِّبك من الفوز في المفاوضة

كن مستعدًا لترك التفاوض: إذا لم يكن عندك قابلية لترك التفاوض فستقبل بما يعرضه الطرف الآخر، وإن لم يكن الأفضل لك.

احترف استخدام الصمت لمصلحتك: للصمت قوة بالغة في المفاوضات. وقد يكون أحيانًا كثيرة أشد تأثيرًا من الكلام. لذلك حدد المواقف التي سيخدمك الصمت فيها ويعينك على الفوز.

حدد القيمة المرغوب فيها Aspiration value: وهي أعلى قيمة تطمح في الحصول عليها من التفاوض.

حدد نقطة التحفظ Reservation point: وهي أقل قيمة قد تقبلها في المفاوضة. 

حدد البديل الأفضل للاتفاق المُتفاوض عليه BATNA: وهو البديل الذي قد تذهب إليه إذا لم يعجبك الاتفاق المُتفاوض عليه.

ما الفرق بين التفاوض والإقناع؟

يكمن الفرق الجوهري بين التفاوض والإقناع في أن التفاوض هو محاولة الطرفين إلى الوصول إلى حل وسط. ويكون كل طرف في المفاوضة مرنًا قابلًا لترك شيء مقابل الحصول على شيء آخر.

أما الإقناع فهو محاولة طرف أن يغيِّر موقف شخص آخر ويغيِّر قناعاته لتتلائم مع رأي المُقنِع وقناعاته.

وبهذا تكون قد تعلمت أساسيات فن التفاوض وضممت مهارة رئيسية من مهارات المستثمرين الناجحين إلى مهاراتك.