Contents
ترتبط كلمة الذكاء بالحساب وقوة الذاكرة والمنطق. لكن هناك نوع ذكاء آخر لا يعرفه أغلب الناس.
وتزيد أهمية معرفته عندما تدرك أن له أثرًا كبيرًا على نجاحك في كل جوانب حياتك.
إنه الذكاء العاطفي.
ما الذكاء العاطفي؟
في عام ١٩٩٠ عرَّف بيتر سالوفي وجون ماير الذكاء العاطفي بأنه:
«مجموعة من المهارات التي يُفترض أنها تساعد الشخص على التقدير المناسب لمشاعره ومشاعر الآخرين والتعامل معها تعاملًا لائقًا.
وكذلك تساعد على إدارة الشخص لمشاعره ومشاعر الآخرين إدارة فعَّالة وتوظيفه للمشاعر في التحفيز والتخطيط والإنجازات في حياته.»
وأتى بعدهما آخرون بتعريفات كثيرة أبرزها:
«الذكاء العاطفي هو قدرة الشخص على التعرُّف على مشاعره ومشاعر الآخرين والتعامل معها جيدًا.»
ووفقا لدانيال جولمان فإن الذكاء العاطفي هو قدرتنا على التعامل مع أنفسنا وعلاقاتنا. وجعل له جولمان أربعة محاور رئيسية:
١- معرفة النفس
٢- إدارة النفس
٣- الشعور بالآخرين
٤- توظيف تلك العناصر في المهارات والعلاقات الشخصية
ما الفرق بين الذكاء العاطفي والذكاء العقلي؟
الذكاء العقلي عبارة عن قدرة الشخص على التعلم وفهم المعلومات وتطبيقها ليكتسب المهارات المختلفة. كما أن للذكاء العقلي علاقة مباشرة بالمهارات الرياضية والمنطقية.
أما الذكاء العاطفي فمتعلِّق بالمشاعر وكيفية التعرُّف عليها وإدارتها والاستفادة منها. ويظهر الذكاء العاطفي في سياقات مختلفة عن الذكاء العقلي مثل العمل الجماعي والأدوار القيادية.
ارفع من ذكائك العاطفي في ٦ خطوات
- اعترف بقيمة المشاعر وأهميتها
- افهم مشاعرك وميِّز كل شعور منها
- قدِّر مشاعرك
- تفكَّر في مشاعرك واعرف أصلها
- تعامل مع مشاعر الآخرين
- تعامل مع مشاعرك
في فيديو لها على منصة تيدإكس قدَّمت لنا رامونا هاكر ٦ نصائح عملية لنصبح أذكى عاطفيًّا:
١- اعترف بقيمة المشاعر وأهميتها
لا يجب أن تُهمَّش المشاعر. فهي ليست شيئًا ثانويًّا. ومن فسدت مشاعره فإنه سيلاقي صعوبات كثيرة في كل جوانب حياته.
من أجل ذلك ينبغي أن تعترف بأن كل شعور تشعر به له أهميته وكذلك له أسبابه. لا تستنكر الشعور بالحزن أو الألم، فأهمية تلك المشاعر لا تقل عن أهمية الفرح والسعادة.
عبارات مثل «أنا بخير» وراءها مشاعر كثيرة يتحرَّج الشخص من الحديث عنها. فلا بد أن يغيِّر الواحد منا نظرته إلى مشاعره وأن يدرك أهميتها.
٢- افهم مشاعرك وميِّز كل شعور منها
المشاعر كثيرة. ولكل شعور معاملة تساعد على إدارته. لذلك يتوجب علينا أن نفهم مشاعرنا وأن نحصِّل مهارة تمييز كل شعور بدقة.
قد يستغرق ذلك وقتًا، لكن لا شك في الفائدة التي تعود عليك من تمييزك لأي شعور تشعر وكيف تتعامل معه التعامل الصحيح.
٣- قدِّر مشاعرك
مشاعرك تنتج عن تجاربك وما تمر به في حياتك. فلا مشكلة، إذن، أن تقدِّر ما تشعر به ولا تنكره.
انظر إلى ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاة ابنه إبراهيم رضي الله عنه:
جاء في صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على ابنه إبراهيم رضي الله عنه وهو يجود بنفسه، فجعلت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم تذرفان. فقال له عبد الرحمن بن عوف: وأنت يا رسول الله؟! فقال صلى الله عليه وسلم«يا ابن عوف إنها رحمة.» ثم أتبعها بأخرى، فقال: «إن العين تدمع وإن القلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي ربنا، وإنا لفراقك يا إبراهيم لمحزونون.»
فلم يخجل رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحزن ولم يخبئه، بل وصف بكاءه على ابنه إبراهيم رضي الله عنه بالرحمة. وهذا أعلى مثال على تقدير المشاعر!
٤- تفكَّر في مشاعرك واعرف أصلها
كيف أصبحت تشعر بما تشعر؟ ماذا يقودك إلى الحزن والتعب أو إلى الفرح والسرور؟ معرفتك لمصدر الشعور بداخلك يجعلك أقدر على التعامل معها والاستفادة منها.
اتبع أي أسلوب تحب في اكتشاف مشاعرك، سواء كان ذلك بالحديث مع الأصدقاء أو الكتابة أو المشي والتفكير. المهم ألا تهمل هذا الجانب من الذكاء العاطفي لأن أثره كبير.
٥- تعامل مع مشاعرك
الخطوات الأربع السابقة كانت تمهيدًا لهذه الخطوة. فهنا تبدأ في استكشاف التعامل الأمثل مع شعورك.
وهناك طرق كثيرة لاستكشاف طرق التعامل مع المشاعر مثل كتابتها والقراءة عنها والتحدث مع الأصدقاء بخصوصها وسؤالهم عن كيفية تعاملهم معها وكذلك الرياضة والتأمل.
جرِّب تلك الأساليب واكتشف أساليب أخرى حتى تجد ما يناسب شخصيتك ومشاعرك.
٦- تعامل مع مشاعر الآخرين
الآن قد عرفت كيف تفهم المشاعر وتقيِّمها وتقدرها. وكلما زاد تمكُّنك من هذه المهارات كنت واثقًا من نفسك وأنت تتعامل مع الآخرين، وكنت أقدر على فهمهم ومساعدتهم.
المستثمر والذكاء العاطفي
بعد أن عرفت أهمية الذكاء العاطفي في جوانب حياتك، هل سألت نفسك عن أهميته في الاستثمار؟
قد قرأنا في التعريفات المذكورة في أول المقال أن الذكاء العاطفي يساعد الأشخاص على توظيف المشاعر في التحفيز والتخطيط وتحقيق الأهداف. والاستثمار واحد من أهم هذه الأهداف التي نسعى جميعًا إلى النجاح فيها.
وهناك صفات ضرورية للمستثمرين الناجحين يلعب فيها الذكاء العاطفي دورًا كبيرًا مثل الثبات الانفعالي والتريُّث وعدم الانسياق مع الأخبار والشائعات.
فعلى سبيل المثال لا الحصر، قد نصحنا أنجح المستثمرين بألا ندخل السوق ونخرج منه بسرعة، وبأن البقاء في السوق لأطول مدة ممكنة يساعد على نمو رأس المال وتحقيق أعلى العوائد.. لكن، بالرغم من ذلك كله، ينساق كثير من المستثمرين مع شعورهم بالخوف والقلق ويخرجون من الأسواق ظانين أنهم قد نجوا «بأقل الخسائر الممكنة».
ونستفيد مما يحدث في الأسواق المالية كل يوم أن نفهم أن التحليلات الفنية وأعلى مستويات الذكاء لا يكفيان للتفوق في الاستثمار وتحقيق الأهداف المالية. بل إن بداية تحقيق الأهداف المالية والنجاح في مجالات الاستثمار المختلفة تكون مع ذكاء عاطفي أعلى.
بهذا تكون قد عرفت أهمية الذكاء العاطفي في حياتك وكيف تطوِّر ذكاءك العاطفي من أجل أن تنجح في حياتك المهنية والشخصية وكذلك في استثمارك.